×
A
A
A
خيارات

اليونسكو تقود حواراً عالمياً بشأن أخلاقيات التكنولوجيا العصبية
سيعقد المؤتمر الدولي الأول في 13 يوليو

باكو، 8 يونيو (أذرتاج)
وافقت الدول الأعضاء في المجلس التنفيذي لليونسكو على اقتراح المديرة العامة بإجراء حوار عالمي لوضع إطار أخلاقي لقطاع التكنولوجيا العصبية. إذ يشهد هذا القطاع نمواً سريعاً ويفتقر إلى التنظيم إلى حدّ كبير وقد يشكّل تهديداً لحقوق الإنسان والحريات الأساسية. وسيُعقد المؤتمر الدوليّ الأول في مقر اليونسكو بتاريخ 13 تموز/ يوليو 2023.
سيبدأ مؤتمر اليونسكو الدولي، الذي سيُقام بتاريخ 13 تموز/ يوليو، باستكشاف الإمكانيات الهائلة التي تكتنزها التكنولوجيا العصبية لحلّ المشكلات العصبية والاضطرابات العقلية، فضلاً عن تحديد الإجراءات الواجب اتخاذها لمواجهة التهديدات التي تُلحقها بحقوق الإنسان وبالحريات الأساسية. سيضمّ الحوار مجموعة من كبار المسؤولين وصناع السياسات ومنظمات المجتمع المدني والأوساط الأكاديمية وممثلين عن القطاع الخاص من جميع أنحاء العالم.
سيرتكز الحوار على دعم لجنة اليونسكو الدولية لأخلاقيات البيولوجيا بشأن "القضايا الأخلاقية للتكنولوجيا العصبية"، فضلاً عن إحدى دراسات اليونسكو التي تقدّم ولأول مرة دلائل عن التكنولوجيا العصبية، وما يوجد فيها من ابتكارات وجهات فاعلة رئيسية في جميع أنحاء العالم وتوجهات بارزة.
وتتمثل الغاية المنشودة من هذا الحوار في التقدم بالجهود الرامية إلى تحقيق فهم أفضل للقضايا الأخلاقية المتعلقة بإدارة التكنولوجيا العصبية، والاستفادة منه في إعداد الإطار الأخلاقي الذي من المتوقع أن توافق عليه الدول الأعضاء في اليونسكو والبالغ عددها 193 دولة عضواً – متبعة بذلك نفس النهج الذي اتبعته المنظمة لإقامة أطر أخلاقية عالمية في مجال المجين البشري (1997) والبيانات الوراثية البشرية (2003) والذكاء الاصطناعي (2021).
أثبت معيار اليونسكو العالمي لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي فعاليته وحسن توقيته في ظلّ آخر التطورات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي التوليدي وانتشار تقنيات الذكاء الاصطناعي واستفحال المخاطر التي تُلحقها بالبشر وبالديمقراطيات وبالوظائف. يسفر الجمع بين البيانات العصبية والذكاء الاصطناعي تحديات بعينها، وذلك على النحو المذكور في معيار اليونسكو العالمي للذكاء الاصطناعي.
تشمل التكنولوجيا العصبية أي نوع من الأجهزة أو الإجراءات المخصصة لـ "الوصول إلى بنية النظم العصبية وآلية عملها ومراقبتها واستكشافها وتقييمها ومعالجتها و/ أو محاكاتها". وتتراوح الأجهزة التقنية العصبية من "الأجهزة القابلة للارتداء" إلى الواجهات غير الجراحية للتخاطب بين الدماغ والحاسوب مثل الأطراف الآلية، فضلاً عن الغرسات الدماغية الجاري حالياً تطويرها بغية علاج الإعاقات مثل الشلل.
يعاني واحد من بين كل ثمانية أشخاص في العالم من اضطراب عقلي أو عصبي، وهو ما يمثل ثلث إجمالي النفقات الصحية في البلدان المتقدّمة، وعبئاً متزايداً في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل. ومن المتوقع أن تزداد هذه النفقات على الصعيد العالمي - إذ تُشير التوقعات إلى احتمالية تضاعف عدد الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 60 عاماً بحلول عام 2050 ليصبح عددهم 2.1 مليار شخص (منظمة الصحة العالمية، 2022). تكتنز التكنولوجيا العصبية إمكانيات هائلة للحدّ من عدد الوفيات والإعاقات الناتجة عن الاضطرابات العصبية، مثل الصرع ومرض الزهايمر ومرض باركنسون والسكتة الدماغية.
تسفر هذه التقنيات، في ظلّ الافتقار إلى حواجز أخلاقية واقية، عن مخاطر جسيمة، إذ إنّه يمكنها الوصول إلى بيانات الدماغ والتلاعب بها، وهو ما ينتهك الحقوق والحريات الأساسية المتأصلة في صميم مفاهيم هوية الإنسان، مثل حقوق حرية الفكر والخصوصية والذاكرة. توضّح لجنة اليونسكو الدولية لأخلاقيات البيولوجيا هذه المخاطر في تقريرها الذي نشرته في عام 2021 وتقترح مجموعة من التدابير العملية لمعالجة هذه المخاطر.
هناك طلب كبير في أسواق الاستهلاك على البيانات العصبية - التي تسجّل ردود فعل الأفراد ومشاعرهم الأساسية. وعلى النقيض من البيانات التي تجمعها منصات التواصل الاجتماعي عنّا، تتولّد معظم البيانات العصبية لا شعورياً، وبالتالي لا يمكننا إعطاء موافقتنا على استخدامها. وفي حال استخراج أيّة بيانات حسّاسة ووقوعها في الأيدي الخاطئة، قد يتكبّد المرء عواقب وخيمة.
في حال زُرعت واجهات التخاطب بين الدماغ والحاسوب في وقت لا يزال فيه الطفل أو المراهق في مرحلة هامة من مراحل تطور الجهاز العصبي، قد تعرقل النضج "الطبيعي" للدماغ. وقد تكون قادرة على إحداث تحويل في العقول الشابة، وتشكيل هويتهم المستقبلية بتأثيرات طويلة الأمد، وربما دائمة.
قد تمكّن تقنيات تعديل الذاكرة العلماء من تعديل محتوى الذاكرة واستذكار الأحداث الماضية. تعتمد تقنيات تعديل الذاكرة حتى الآن على استخدام الأدوية، لكن قد يصبح في المستقبل من الممكن زراعة رقائق في الدماغ. قد يعود هذا الحل بالفائدة على الأشخاص المصابين بصدمات نفسية، بيد أنّ هذه الممارسات قد تشوه أيضاً إحساس المرء بالهوية الشخصية.
تتواجد 50% من شركات التكنولوجيا العصبية اليوم في الولايات المتحدة، في حين تتواجد 35% منها في أوروبا والمملكة المتحدة. ونظراً إلى قدرة التكنولوجيا العصبيّة على تدشين جيل جديد من "البشر الخارقين"، ستؤدي هذه الظاهرة إلى زيادة اتّساع فجوة التعليم والمهارات والثروة داخل البلدان وفيما بينها، مما يمنح أولئك الذين يمتلكون أحدث التقنيات أفضلية غير عادلة.

تكنولوجيا 2023-06-08 11:38:00