×
A
A
A
خيارات

رواية الخصام للروائي الاذربيجاني مقصود ابراهيم بيكوف
ترجمها للعربية الناقد والروائي ناطق خلوصي

باكو، 21 يناير (أذرتاج)
نشر الكاتب الصحفي والباحث العراقي الدكتور معتز محي عبد الحميد انطباعاته وآراءه عن رواية الخصام للروائي الاذربيجاني مقصود ابراهيم بيكوف، الذي ترجمها الى العربية الناقد والروائي المرحوم ناطق خلوصي. تعيد وكالة اذرتاج نشر هذه الآراء:
"قدّم لنا المترجم البارع – والقاص والروائي والناقد - «ناطق خلوصي» الكثير من الكتب التي ترجمها عن الإنكليزية وبشكل خاص في مجال التعريف بآداب شعوب أسيا الوسطى الإسلامية التي يكاد يكون إطلاعنا عليها نادراً برغم الصلات الثقافية والتاريخية والروحية التي تربطنا بهذه الشعوب وبآدابها، ومؤخراً نقل إلينا الأستاذ «خلوصي» رواية لكاتب أذربيجاني كبير ومعروف في اذربيجان هو «مقصود إبراهيم بيكوف» الرواية لها عنوانان: «ليس من أخ أفضل منه» و«الخصام*». ويبرّر المترجم اختياره لهذه الرواية «بأنها قريبة من أجوائنا بما تتوفر عليه من قيم وتقاليد اجتماعية. وقد أخذت هذه الرواية تستأثر باهتمامي البالغ. ساورتني الرغبة في ترجمتها لكنني آثرت التريث إلى أن أقرأ مزيداً من النماذج من هذه الآداب وحين فعلت، رجعت إلى هذه الرواية وشرعت بترجمتها أملاً أن أكون قد أسهمت بجزء يسير من مهمة التعريف بآداب الشعوب الأخرى». على السطح الظاهر يبدو أن المترجم يؤدي مهمة ثقافية جديرة بالاعتبار وهي التعريف بآداب الشعوب الأخرى التي لم نطلِّع عليها، لكن لمَ هذه الرواية بالذات، ولماذا أحس بأنها «قريبة من نفسه» و«استأثرت باهتمامه البالغ» ولماذا ترك كل الروايات الأخرى التي اطلّع عليها؟ لا تسعفنا المقدمة بتفصيلات أخرى للإجابة على هذه التساؤلات وينبغي أن نقتنع بالهدف الثقافي للمترجم وهو كما قلت هدف جدير بالاحترام، بعد مقدمة المترجم تأتينا مقدمة ناقدة أذربيجانية هي «سيفتلانا علييفا» (من ص7-13) فتقدم لنا لمحة مختصرة عن حياة «إبراهيم بيكوف» وإبداعه. وبقدر تعلق الأمر بروايته «الخصام» فإنها تشير إلى أن بطل الرواية «جليل معلم)) الذي بدأ صبِّاً يبيع الصحف لينتهي مديراً لدائرة البريد في (باكو).. لا يمتلك الحق في أن يحمل لقب معلم، فهو على درجة واطئة في التعلم لكن لاحقة «معلم» التي أضيفت إلى اسمه، إنما للتعبير عن احترام جيرانه له وتقديرهم لطريقته في العيش، وقبل ذلك طريقته في التفكير. إنّ جليل معلم شخصيته نموذجية: «ابناً وأخاً وزوجاً ومضيّفاً، وهو يجسد سمات الرجل الجدير بالاحترام دون شك» وفي نظرة عميقة تصل إلى بؤرة قد يدركها أي مراقب نقدي حصيف يقول: «إنّ جليل معلم شخصية ذات أهمية فنية راسخة. وعلى الرغم من أنه شخصية تحب وطنها بعمق، فإنّ فيه ملامح نموذج سايكولوجي محدّد. إنه يطمح في أن يكون مهماً لكنه في جوهره إنسان آلي مبرمج دون أن يعني هذا أنه لا يمتلك القدرة على الإحساس وعلى المعاناة بالتالي». وفي هذا الوصف تناقض واضح إذ كيف يمتلك إنسان آلي القدرة على الإحساس وعلى المعاناة؟ هناك شيء تدور حوله الناقدة ولا نستطيع التقاطه بدقة، أو أنها لا تستطيع الإفصاح عنه لأنها تخضع لنفس القوى الكابتة التي عانى منها جليل معلم. فالأخير هو أنموذج للإنسان المعصوب الذي أرهقته صراعات دوافعه اللاشعورية وحطمت حياته قبضة القوى الكابتة إلى أن أوصلته إلى الموت بعد أن استهلكت قواه وصبغت مسيرته بمشاعر التعاسة والتشاؤم. على السطح نشاهد رجلاً هادئاً متماسكاً يحظى باحترام الناس في العمل وفي الحي، فهو إنسان مكافح تطوّر عملياً من بائع صحف وهو صبي إلى عامل في دائرة البريد ليصبح مديراً لها يشهد له الجميع بانضباطه وأمانته. وفي العائلة تحمل مسؤولية عائلته كابن أكبر بعد مقتل والده في الحرب*. لقد عمل بقسوة من أجل إعالة أمّه وأخويه: «سيبورغ» الذي يصغره باثنتي عشرة سنة و«طاهر» الذي مات صغيراً. وبعد زواجه كان ربّ أسـرة ناجـح لابنته وابنه ووفياً لزوجته فهو لم يعاشر امرأة أخرى في حياته لا قبل الزواج ولا بعده، وحركته اليومية محدودة من دائرة البريد إلى البيت عدا زيارة أسبوعية لحمام المدينة العام الذي يعتبر من علاماته المتميزة في الحي القديم الذي يشبه درابين وحمامات الكاظمية كما ذكر لي المترجم ناطق خلوصي."

علم وتعليم 2022-01-21 17:55:00