×
A
A
A
خيارات

خيول "قراباغ" مفخرة الشعب الاذربيجاني

باكو، 22 أبريل (أذرتاج).
ويشتغل سكان أذربيجان التي تعد جزءا لا يتجزأ من العالمين التركي والإسلامي بتربية الخيول منذ زمن بعيد. ويوجد حاليا في العالم برمته 260 نوعا من الخيول، ومن أهم هذه الأنواع التي تربى بأذربيجان خيول الركوب الجبلية، وخيول "قاراباغ" وخيول "ديلبوز" للحمل. ويفتخر الشعب الاذربيجاني دائما بهذين النوعين من الخيول.
هذا، وقد صدر في أذربيجان في 22 مايو / أيار عام 2007 قانون بشأن "تربية الخيول"، كما تم التصديق على "برنامج تطوير تربية الخيول خلال عامي 2008-2012 " بموجب قرار مجلس الوزراء الأذربيجاني الصادر عام 2008. ويهدف هذا البرنامج إلى الحفاظ على أنواع الخيول المختلفة، وزيادة قدراتها الجينية وكفاءتها للعمل والاستفادة الصائبة منها، وكذلك تهيئة الظروف الملائمة للقطاعين المالي والإنتاجي، وجعل تربية الخيول مجالا اقتصاديا.
ربما يعد حصان "قاراباغ" الأصيل من أشهر أنواع الخيول القومية الأذربيجانية، وموطنه هو إقليم "قاراباغ". ويمكن القول بأن هذا النوع من الخيول تحديدا ينتشر انتشارا واسعا في أنحاء أذربيجان كافة، ويتكيف ويتلاءم مع جميع أقاليم بلدنا. كما تعد خيول "قاراباغ" رمزا للتراث القومي وفخرا للأذربيجانيين.
وتربى الخيول النموذجية من هذا النوع في مزرعة خاصة بتربية الخيول في منطقة أغدام، وتعد هذه المنطقة بدورها مركزا لتربية حصان "قاراباغ" وتكثيره.
ولأن منطقة أغدام تقع حاليا ضمن الأراضي الأذربيجانية المحتلة من قبل القوات الأرمينية، فقد تم نقل الخيول كافة من هناك إلى منطقة "آغجابدي"، ووزعت على مراعي "لامبران" الشتوية هناك.
ويتميز حصان "قراباغ" بأنه هادئ ومستأنس، كما أنه يتميز بلونه الذهبي، لذلك يطلق عليه لقب "الإشراق الذهبي". ومن أهم المميزات التاريخية لهذا الحصان قدرته على تذليل واجتياز المناطق الجبلية الوعرة، فهو يستخدم بشكل أساسي حاليا في السباقات المختلفة، لأنه يتمتع بالسرعة الفائقة. وعلى سبيل المثال: فقد حقق حصان "قراباغ" رقما قياسيا عالميا في منطقة أغدام؛ إذ قطع مسافة ألف متر خلال دقيقة وتسع ثواني.
ويذكر أن خيول "قاراباغ" الأصلية تعد من أقدم أنواع الخيول في العالم، وموطنها أعالي جبال إقليم "قاراباغ". ويعد حصان "قاراباغ" الحالي حيوانا ليس بضخم؛ فهو متوسط الطول إذ يبلغ ارتفاعه 144-145 سم ورأسه صغير الحجم وصدره واسع وعريض، كما أن عضلاته قوية للغاية. ورغم أن أرجل حصان "قاراباغ" وحوافره قصيرة، فإنها متينة وقوية.
هذا، وتتميز خيول "قاراباغ" الأصيلة بحركاتها السريعة والرشيقة، وبنيتها المنسجمة. وبفضل هذه المزايا تحديدا، غالبا ما يشبهون هذه الخيول بالغزلان في نماذج الأدب الشعبي الأذربيجاني. وتتميز خيول "قاراباغ" الأصيلة أيضا بألوانها الجميلة، فتتباين ألوان شعرها ما بين الأصفر والأسمر والرمادي والذهبي. وثمة نوعان أساسيان لهذا الحصان؛ هما طويل الأرجل سريع الركض ذو الجسم والوزن الخفيف، وقصير الأرجل ذو الجسم المتين والضخم. ومنذ عدة قرون وهذا النوع من الخيول كان مفخرة لإسطبلات حكام إمارة "قاراباغ"، إذ إنها كانت ولا تزال تتميز بقوة التحمل والإخلاص لصاحبها. وتربى عبر العصور في جبال "قاراباغ". وبالإضافة إلى ذلك فإن هذه الخيول تعرف بقدرتها على عبور الممرات الجبلية الضيقة، هذا إلى جانب قوة تحملها الصعاب. وتركب خيول "كراباخ" باستخدام السروج بشكل أساسي، لأنها قادرة على احتمال قطع المسافات الطويلة وعبور الممرات الجبلية بالسير بسرعة 10 كيلومترات في الساعة. وقد حقق هذا الحصان رقما قياسيا عالميا في سباقات الخيول عام 1955 م بقطع مسافة 1600 متر في دقيقتين وتسع ثواني.
وتتمتع خيول "قاراباغ" بجسم نحيف ورشيق، ولها أرجل جافة، تظل كذلك حتى بعد العمل الشاق في الأراضي الوعرة. كما تتميز أيضا بحوافرها القوية وبقدرتها على استعادة نشاطها عقب بذل المجهود الكبير، وكذلك بقدرتها على عبور المسافات الطويلة التي تصل أحيانا إلى مئات الكيلومترات. كما أن حصان "قاراباغ" يكتفي بقليل من الأعلاف. ويتميز بالجمال والصحة الوفيرة، والوفاء. وهذا كله ما هو إلا جزء يسير من مزايا هذا الحصان الأصيل.
وثمة حقائق تاريخية تؤكد أن خيول "قاراباغ" الأصيلة كانت تصدر إلى أوروبا الغربية في القرون الماضية. ولا يزال لون شعرها الذهبي يلفت الاهتمام، بجانب جسمها المتناسق وخفة حركتها وجمالها الفريد من نوعه وأصلها الشرقي. وتكثر الاحتمالات بأن أي حصان لون شعره ذهبي في عموم القوقاز فإن أصله يرجع إلى حصان "قاراباغ" الأصيل.
وتعد البنية الثابتة والمتصلة لسلسلة النسب لأي نوع أو جنس من الحيوانات هي التي تضمن قوة هذا النوع وحيويته وثراء الموروث الجيني له. وقد حافظت على أصالة سلالة حصان "قاراباغ" عدة عوامل داخلية ترتبط بالذكورة وفصيلة الرحم. وتربى خيول "قاراباغ" الأصيلة بشكل تقليدي على هيئة قطيع يضم الإناث أيضا. وعلى الرغم من وجود أنثى أصيلة أو مهجنة من خيول "قاراباغ" ضمن القطيع، فإن الذكر يكون دائما نقي الجنس وأصيلا ويسمى "كيقلان"، كما أن الجزء الأكبر من هذه الخيول الذكور يطلق عليها "جينس - صاريلار" أي (خيول أصيلة صفراء)، والبقية تسمى" قالين صاريلار" أي (خيول صفراء متينة).
ويوجد نوعان من خيول "قاراباغ" الأصيلة أكثر شهرة من بقية الأنواع الأخرى؛ وهما "توخماق" و"تكه – جيران". وينحدر النوع "توخماق" من هجين أنثى حصان "قاراباغ" الأصيل وذكر حصان فارسي من أصل غير معروف. ويتميز هذا النوع بقوة الجسم وسلامة البنيان.
أما النوع الآخر والمسمى "تكه - جيران" فهو هجين من أنثى خيول "تكه" وذكر حصان "قاراباغ". لذلك يتميز بالقامة الطويلة والقدرة العالية على الركض. ومع أن ذكور حصان "قاراباغ" الأصيل المسمى "كيقلان" قليلة العدد، فإنها كانت تعيش دائما بجانب خيول "قاراباغ" الأصيلة نقية الجنس الكثيرة العدد، حيث كان الحصان "كيقلان" بمثل عشر تعداد الخيول في "قاراباغ" بصفة عامة. ومن أجل الحفاظ على هذا الجنس من الخيول الأصيلة، أنشئت عام 1949 مزرعة لتربية الخيول في قرية "كوي تبه" بمنطقة آغدام الأذربيجانية، حيث جمع فيها إناث الخيول النموذجية، وعدد من الخيول العربية الأصيلة لتحسين نوعية خيول "قاراباغ" وزيادة أعدادها.
وعند افتتاح هذه المزرعة لم يكن هناك سوى حصان واحد من النوع "قاراباغ" "سلطان"، أما الخيول الأخرى فكانت عربية الأصل مثل "قديمي 1"، وقديمي 2"، و"كونتينغينت"، "كورف". لكن هجين الحصان "قاراباغ"، والخيل العربي لم يكن يمتلك مميزات الحصان "كيقلان". وكانت الخيول تربى بشكل أساسي في الظروف الطبيعية بميدان سباق الخيول بمدينة باكو، حيث كانت الخيول العربية الهجينة تتميز عن غيرها من الخيول، ويحافظ مربو الخيول الأذربيجانيون على هذه الثروة حتى يومنا هذا، فقد جمع في مزرعة "كوناي" لتربية الخيول ذكور الخيول نقية النسب وإناث الخيول المنحدرة من الخيل الفائزة في المسابقات المختلفة. وينتج عن هذا التهجين خيول مميزة رائعة المظهر لها سمات النسل الشرقي في القدرة على العمل الشاق. وتشتهر خيول "قاراباغ" بقدرتها على قوة التحمل، وبالنشاط، وبقطع المسافات الطويلة. كما تقوم مزرعة "كوناي" لتربية الخيول بالاستخدام الأمثل للحصان العربي "غفال" من أجل زيادة قدرة خيول "قاراباغ" على السرعة؛ حتى تتمكن من المشاركة في سباق الخيول.

ثقافة 2019-04-22 18:23:00