×
A
A
A
خيارات

نماذج من التراث الثقافي الأذربيجاني المدرجة بقوائم منظمة اليونسكو

باكو، 18 فبراير (أذرتاج).
يعد امتلاك تراث ثقافي ثري والحفاظ عليه حتى يومنا هذا ونقله للأجيال القادمة شرف لأي شعب من الشعوب، وذلك لأن ما يحافظ على بقاء الشعوب هو العامل المعنوي وليس العامل المادي. ومن هذا المنطلق يعد الشعب الأذربيجاني من الشعوب الموفورة حظا بين شعوب العالم. أما إدراج العديد من ثروات بلدنا ضمن قائمة التراث الثقافي لليونسكو فيثبت مدى عراقة تقاليد الشعب الأذربيجاني.
إذا كنتم تريدون أن تشعروا أنكم في العصر الحجري، فيكفيكم الذهاب إلى قوبوستان، حيث أنكم ستستمتعون بمشاهدة النقوش القديمة المصورة على الصخور هناك، بجانب الاستماع إلى الصوت الرائع للآلة الموسيقية الرنانة (قافالداش). أما إذا كنتم تريدون رؤية العصور الوسطى بعد الميلاد، فتفضلوا بزيارة المدينة القديمة "إيجري شهر" التاريخية بالعاصمة الأذربيجانية باكو. وسوف يمكنكم في هذه المدينة السكنية مشاهدة برج العذراء (القرنين الحادي والثاني عشر)، ومسجد محمد (القرن الحادي عشر)، ومجمع قصر الشيروانشاهيين (القرن الخامس عشر)، بجانب رؤية العديد من الآثار التاريخية التي تعود إلى القرون الوسطى، والمتاحف المختلفة.
لو صادفت زيارتكم لأذربيجان عيد النيروز الذي يعد أقدم الأعياد القومية الأذربيجانية (فيما بين 20-22 مارس)، فيجب عليكم حينئذ التوجه إلى المدينة القديمة "إيجري شهر" التاريخية، وذلك لأنكم ستشاهدون هناك الاحتفالات بهذا العيد، وسوف تتذوقون حلويات العيد. أما الاستماع إلى لآلئ فن المقامات والشعر الشعبي القديم على يد كبار الفنانين الأذربيجانيين، فسوف يثري معرفتكم وتذوقكم الموسيقي، بجانب استمتاعكم النفسي. كما إذا زرتم أذربيجان فيمكنكم التعرف على فن السجاد الأذربيجاني العريق ومشاهدة لعبة "جوقان" القاراباغية القديمة.
وللحفاظ على كل هذه القيم تعمل دولة أذربيجان بشكل جدي على ذلك وتتعاون مع منظمة اليونسكو لإدراجها في قوائمها لصون التراث. نقدم لكم الآثار التاريخية والثقافية الأذربيجانية المدرجة في قائمة التراث الثقافي المادي للمنظمة.
المدينة القديمة "إيجري شهر" التاريخية
تعد المدينة القديمة "إيجري شهر" التاريخية مدينة داخل مدينة، تقطنها أكثر من 1300 أسرة، يعمل فيها 18 فندقا وأكثر من 100 مبنى تجاري وخدمي، وبها عدة متاحف. إن "إيجري شهر" (باكو القديمة) ذات الألف سنة كانت عاصمة دولة الشيروانشاهيين إحدى أكبر الدول التي وجدت على أرض أذربيجان في القرون الوسطى، وكانت تعد إحدى المراكز الاقتصادية والثقافية القديمة للشرق الأوسط بأسره. وتحتضن إيجري شهر البالغة مساحتها 22 هكتارا المئات من الآثار التاريخية، تكتسب 3 منها أهمية عالمية و28 منها إقليمية. وأدرجت "إيجري شهر" مع قلعة العذراء ومجمع قصر الشيروانشاهيين ضمن قائمة التراث الثقافي العالمي لليونسكو عام 2000. إن المدينة القديمة "إيجري شهر" التاريخية وضعت تحت "الحماية المعززة" بقرار صادر عن الدورة الثامنة لجنة اليونسكو لحماية الممتلكات الثقافية في حالات النزاع المسلح في الـ19 من ديسمبر لعام 2014 بباريس.
تضم إيجري شهر العديد من المعالم التي يتوافد إليها الزائرون من أهمها: برج العذراء (القرنان الخامس والسادس)، مجمع قصر ملوك الشيروانشاهيين (القرن الثاني عشر) ومسجد محمد (كتب على واجهته الشمالية بلغة عربية وبخط كوفي واضح "بسم الله الرحمن الرحيم بني هذا المبنى من قبل الأستاذ العرايس محمد بن ابو بكر في عام أربعمائة وواحد وسبعين هجرية ( 1078 ميلادية) والمجمع الديني المعماري ذو الأقواس (القرن الثاني عشر) ومسجد تشين أي مسجل فضل الله الإمام عثمان الشيرواني (القرن الرابع عشر) وحديقة الحفريات الأثرية وكروانساري الصغير (القرن الثاني عشر) وحمام آغا ميكائيل (القرن الثامن عشر). ومن معالم المدينة الجذابة أيضا متحف الكتب المنمنمات الشخصي الأول من نوعه في العالم (يحتوي هذا المتحف على 4350 كتابا من 62 بلدا)، ومتاحف أخرى. لكل حارة في إيجري شهر مسجده. ويبلغ عدد المساجد فيها 21 مسجدا تاريخيا، حسب المعلومات الرسمية.
برج العذراء القديم
نطلق عليه بلغتنا الأذربيجانية "قيز قلاسي" الذي يعد تحفة هندسية تكمن بين أحجاره الأسرار ويعود بناؤه لأكثر من 2000 سنة. كما توجد على جدرانه نقوش تعود إلى القرن الـ 12 ميلاديا ولكن صار هذا البرج محل نقاش لدى العلماء لاختلاف شكله بناؤه عن المباني التي تحاط به ويدعي انه استخدم كمنارة او حصن منيع قد أثار اهتمام المؤرخين لعدة قرون. وارتبط اسمه بعدة روايات منها أن فتاة جميلة "بنت خان باكو" لجأت إلى البرج بعد ان رفض والدها تزويجها ممن تحب لتلقي بنفسها من أعلاه وانتحرت وتخلد قصة حبها التي تناقلتها الأجيال، وموقع القلعة يفسر أنها كانت برجا لمراقبة المدينة ومنارة مهمة، وهذه القلعة عبارة عن برج مكون من 8 طوابق. ويبلغ ارتفاعه 28 متر وأدرج عام 2000 ضمن قائمة التراث الثقافي المادي العالمي لليونسكو وذلك لقيمته التاريخية وروعة تصميمه.
إن البرج رمز من رموز أذربيجان وعاصمتها باكو. تتم طباعة صورته على بعض العملات الورقية والطوابع البريدية الرسمية، كما يضم البرج متجر لشراء الهدايا التذكارية ومتحف يعرض به ما تم من تطور تاريخي في مدينة باكو. وفى موسم النيروز في كل سنة يضاء سطح هذا البرج طوال ليالي فصل الربيع.
والصعود إلى قمة البرج امر في غاية المتعة والتعب في ذات الوقت فالسلالم دائرية الشكل وضيقة جدا ذات سقف منخفض وفيه متحف صغير في أحد أدواره يحتوي على الأواني والمعدات الحربية السابقة وبعض الأزياء التقليدية.
وتطل من اعلى قمة البرج على باكو من بحر قزوين ودار الحكومة وساحة الحرية ووسط المدينة تراه أمامك على هيئة صورة تشكيلية. ينظم سباق فورمولا واحد منذ بدئه في باكو أمام برج العذراء و سور المدينة القديمة.
قصر ملوك شيروان (الشيروانشاه)
يعود تاريخ قصر الشروانشاهيين الى القرن الخامس عشر ميلاديا. بناه حكام شروان المعروفين بالشروانشاهيين، ووصفته اليونسكو بأنه "إحدى من لآلئ العمارة الأذربيجانية".
ويمثل قصر الشروانشاهيين إحدى المعالم التراثية الهندسية لأذربيجان العائدة إلى القرن الرابع عشر. كان هذا القصر مقر إقامة حكام شروان، وهم السلالة الحاكمة في شمال شرق أذربيجان خلال العصور الوسطى. بُني معظم القصر خلال القرن الخامس عشر.
يحتوي مجمع قصر الشروانشاهيين على الديوان خانة، الذي كان الحاكم يقضي فيه ويحكم على المذنبين بالقصاص. فوق المدخل الجنوبي للقاعة هناك نقوش قرآنية من سورة يونس. وفي الفناء الجنوبي، يقع ضريح بني في النصف الثاني من القرن الخامس عشر، يدعى "ضريح الدرويش" دفن فيه العالم خليل سيد يحيى الباكوي، الذي كان عالمًا بالطب والفلك والرياضيات.
عام 1964، تم تحويل القصر إلى متحف ومعلم وطني محمي.
محمية قوبوستان التاريخية
تقع محمية قوبوستان على بعد 56 كم من باكو. وقد اشتق اسم قوبوستان من كلمتين: "قوبو" أو "هوبو" (مخفي عن الناس ومقدس) و"ستان" (مكان) وتعني المكان المقدس أو المعزول عن الناس. وتبلغ مساحة محمية قوبوستان 4400 هكتار. وتبلغ أعلى قمة جبلية هناك 400 متر. كما توجد في أرض قوبوستان براكين طينية.
إن تاريخ استيطان الإنسان القديم في منطقة هضبتي بويوك طاش وكيجيك طاش فيها يبدأ من العصر الحجري القديم الأعلى، أي قبل الميلاد بـ20 ألف سنة تقريبا. ويدل ظهور الإنسان القديم بـ"قوبوستان" في العصر الحجري القديم الأعلى على وجود ظروف ضرورية للحياة فيها آنذاك. وتتمتع قوبوستان بمناخ شبه استوائي معتدل شتاء وحار جاف صيفا.
اكتشف النقوش الصخرية في قوبوستان لأول مرة عالم الآثار الأذربيجاني الشهير إسحاق جعفرزاده عام 1939. ويبلغ عدد الآثار المسجلة ضمن مجموعة النقوش الصخرية القديمة في قوبوستان أكثر 6 آلاف آثر منقوش فوق ألف صخرة.
تتميز النقوش الصخرية بـ"قوبوستان" بتنوع موضوعاتها. وتضم هذه النقوش رسومات للإنسان والحيوان (مثل الثور الوحشي والماعز والأيل والظبي والحصان والطير والسمك وغيرها من الرسومات). كما نقشت على الصخور صور كثيرة للقارب وشبكة صيد الأسماك والعجلة وقوافل الجمال والصليب المعقوف والصليب والشمس، علاوة على ذلك, توجد على الصخور كتابات عربية يعود تاريخها إلى القرون الوسطى وكتابة قديمة رومانية تثبت مرور الفيلق الروماني الخاطف الثاني عشر في نهاية القرن الواحد للميلاد بهذه الأراضي.
وقد أدرجت محمية قوبوستان عام 2007 ضمن قائمة التراث الثقافي المادي العالمي لليونسكو.
توجد على أرض قوبوستان الكثير من الصوامع الدينية. ويمكن القول بأن الصوامع التي ترجع إلى عصر الوثنية والمجوسية قد محيت تماما.
إن الأدوات الموسيقية الحجرية المسماة بـ" قافالداش" الموجودة في هضبتي بويوك طاش وجينكيرداغ توصف بأنها ابتكار كبير صنعه سكان قوبوستان القدامى. إن اختراع أداة الطرب القديمة " قافالداش" كان مهما للغاية لسكان قبائل هذه المنطقة من أجل إمتاعهم بالموسيقى وإقامة حفلات الرقص والغناء بقدر ما كان اختراع القوس والسهم مهما لحياتهم.

سياحة 2019-02-18 19:27:00