×
A
A
A
خيارات

صحف مصرية: "أدب المستشرقة “عائدة إيمانقولييفا” جسر ربط أذربيجان بالعالم العربي"

باكو، 9 أكتوبر (أذرتاج).
أدرجت صحيفتي "الأهرام" و"آسيا اليوم" المصريتين في صفحاتهما مقالا لمراسلة وكالة أذرتاج آسيا حاجيزاده حول المستشرقة الأذربيجانية الشهيرة عائدة إيمانقولييفا. تعيد وكالة أذرتاج بث المقال:
"لم تؤثر الحضارة الإسلامية التي خرجت من رحم المنطقة العربية في بلاد العرب وعادات أهلها وتقاليدهم وأعرافهم وعلومهم وحسب؛ بل كان لها تأثير في غالبية دول العالم وخاصة في آسيا وأوروبا.
وقد كان للباحثين والمترجمين والمستشرقين دور كبير في استمرار هذا التأثير الثقافي الإسلامي حتى الآن في بلدان هاتين القارتين على وجه الخصوص، ثم في بلدان العالم أجمع.
ومن بين المستشرقين من كرسوا حياتهم للبحث في الأدب والثقافة العربية، ووضعوا حجر الأساس لدمج الفكر الفلسفي العربي مع العالمي، وفي تاريخ علم الاستشراق في القرن العشرين، يبرز اسم العالمة الأذربيجانية المتميزة في الدراسات العربية، الأستاذة في علم اللغة، عائدة ناصر إيمانقولييفا (1939 – 1992)، والتي جنبا يوضع اسمها جنبًا إلى جنب، مع علماء كبار، كالباحث في الأدب العربي ومترجم القرآن الكريم أجناتي كراتشكوفسكي (1883- 1951) وغيره من العلماء السوفيت البارزين، الذين بفضل بحوثهم العلمية، أطلعوا العالم على الشعر العربي، واللغة العربية، والأدب العربي الحديث والثقافة العربية.
كانت العالمة الموهوبة والناشطة الاجتماعية الاستاذة عائدة إيمانقولييفا أول إمراة أذربيجانية تعمل في مجال الاستشراق، وتشغل منصب مدير معهد الدراسات الشرقية التابع للأكاديمية الوطنية للعلوم، والمرأة الأولى الحاصلة على درجة الدكتوراة في علم اللغة، والباحثة الأولى في أدب المهجر في أذربيجان.
كانت عضوًا في جمعية المستشرقين، وعضوًا في مجلس التنسيق في بحث ودراسة الأدب الشرقي في الاتحاد السوفيتي، وضمن هذه الجمعيات ساهمت مساهمة هائلة في انتشار ودراسة اللغة والثقافة العربية والأدب العربي.
وكونها ممثلًا مشرقًا لمدرسة علماء الاستشراق في بلدها، وأكاديمية مؤثرة في الأوساط العلمية، فقد مثلت إيمانقولييفا أذربيجان في المؤتمرات والندوات العلمية المكرسة لقضايا البحث في تاريخ الأدب العربي والشرقي وعلم اللغة.
لقد كان للأدب العربي في مطلع القرن العشرين دورًا أساسيًا في تقدم البشرية. وإن من أهم مميزاته وابتكاراته، أنه يتصل اتصالًا قويًا بالعالم الروحي للإنسان، ويظهرالمثل العليا، وهذا ما يجعله يحيا ويستمر.
ومن الجدير بالذكر أن إيمانقولييفا قامت بدراسة أدب المهجر الذي كان في بداية القرن الماضي، ففي هذه الفترة برزت كوكبة كاملة من الكتاب والشعراء العظام، الذين حددت أعمالهم الأدبية مرحلة جديدة في تاريخ الشعرالرومانسي والنثر، والأمرالمهم جدًا لفهم ومعرفة العالم العربي الحديث ليس في أذربيجان وحسب، وإنما في كل دول العالم.
عائدة إيمانقولييفا كمتخصصة كبيرة في الأدب العربي الجديد وتاريخ النهضة الثقافية في البلدان العربية، سلطت الضوء في أعمالها على التطور الفلسفي للرومانسية العربية الجديدة في بداية سبعينات القرن الماضي، وكشفت عن البعد الإنساني في الأدب العربي الحديث.
وبدراستها بشكل أساسي لمختلف جوانب أدب المهجر الذي كان في عشرينات القرن الماضي، سعت في أعمالها العلمية لبيان الاتجاه المبتعد عن الأشكال التقليدية، وظهورالرومانسية في الشعر والواقعية الناقدة في النثر، وكذلك اتحاد تقاليد ثقافة الشرق والغرب، وهذا لعب دورًا كبيرًا في انتشار الفكر الفلسفي الحديث للعالم العربي.
كانت إيمانقولييفا أول العلماء في أذربيجان الباحثين بمنهجية عن التأثيرالمتبادل والروابط الأدبية المتبادلة بين الثقافات الشرقية والغربية. وبدراستها هذه أولت العالمة الأذربيجانية القيم الإنسانية المشتركة اهتماما كبيرًا، مشيرة إلى عوامل التقدم الثقافي.
وقامت إيمانقولييفا في أعمالها العلمية العديدة ببحث وتحليل تطور الأسلوب الإبداعي، وظهور اتجاهات أدبية جديدة، وهذا بدوره أوجد أرضية مهمة للبحث فيما بعد في الأدب العربي والشرقي عمومًا.
إن إبداعها العلمي غني جدًا، ودائرة اهتمام أعمالها وبحوثها العلمية واسعة ومتعددة الأوجه، فهي ليست متعلقة ومرتبطة بعلم اللغة فقط، ولكن بعلوم اجتماعية إنسانية أخرى.
في كتبها العلمية، انعكس إبداع الأدباء العرب، الذين اتحدوا في 'رابطة القلم' في أمريكا، وحددوا عصرًا كاملًا في تاريخ الشعر والنثر العربي الجديد، من هذه الكتب"ميخائيل نعيمة ورابطة القلم، جبران خليل جبران، شخصيات بارزة في الأدب العربي الحديث"، بالإضافة إلى أعمالها الأساسية، قامت إيمانقولييفا بكتابة أكثر من 70 مقالة علمية من بينها "قضايا فقه اللغة العربية، قضايا علم لغة الشرق، قضايا الشرق.. التاريخ والحداثة، دور الروابط الأدبية في تشكيل الأدب العربي الجديد" وغيرها.
كما كانت محررًا علميًا للعديد من الكتب والمقالات العلمية في الأدب الشرقي، بجانب عملها العلمي اهتمت إيمانقولييفا اهتمامًا كبيرًا بالمجال التعليمي، فعملت كاستاذة للأدب العربي وعلم اللغة في كلية الاستشراق في جامعة أذربيجان الحكومية، كما عملت أيضًا في مجال الترجمة، كانت مؤلفة مشاركة لكتاب "الإنسان والطائر"، وتحت إشرافها، حصل أكثر من 10 متخصصين على درجات علمية عالية.
لقد حققت العالمة الموهوبة إيمانقولييفا المجد بعد أن شقت لنفسها بتصميم وشجاعة غير عادية طريقًا في مجال العلم، فحظيت بشهرة كبيرة كشخصية علمية بارزة في الدراسات العربية بفضل موهبتها العلمية، والتزامها، ونزاهتها، وقدرتها على الدفاع عن وجهات نظرها العلمية، وطبيعتها المفعمة بالحيوية والنشاط، والهالة من الكمال والنبل، اجتمعت فيها بتناغم وتناسق سمات الإنسانية والمهنية والأنوثة.
إن اجتهادها وإخلاصها في عملها وحصافتها وألمعيتها، والكاريزما، ورؤاها الواسعة.. كل ذلك جعلها تحظى باحترام كبير في الأوساط العلمية، وبشهادة الجميع، كانت مثالًا حقيقيًا للتفاني في سبيل العلم والخدمة المجتمعية، ونموذجًا يحتذى في الخير والنبل.
كان لعائدة إيمانقولييفا المنتمية لعائلة نبيلة، مكانة مهمة في تاريخ الحركة النسائية، وسار على نهجها وخطاها ابنتيها الاثنتين، السيدة الأولى مهربان علييفا، النائبة الأولى لرئيس أذربيجان، رئيسة مؤسسة حيدر علييف، وسفيرة النوايا الحسنة لليونسكو والإيسيسكو، والسيدة نرجس باشاييفا نائبة رئيس الأكاديمية الوطنية للعلوم في أذربيجان، اللتان تواصلان المساهمة في الحفاظ على التراث الثقافي والعلمي لأذربيجان، من أجل تحقيق التواصل والتفاعل مع البيئة الثقافية والعلمية العالمية.
في العام 2006 ، وفي إطار التعاون بين صندوق حيدر علييف ومنظمة الإيسيسكو، تم ترجمة كتابها "شخصيات بارزة في الأدب العربي الحديث" للغة العربية ونشره، في هذا الكتاب كشفت إيمانقولييفا وأظهرت الصورة الكاملة للواقع الروحي والثقافي لتلك الفترة التاريخية، وخلود الروح العربية، من خلال عرضها لإبداع ثلاثة من رواد الأدب العربي، وهم، جبران خليل جبران، وميخائيل نعيمة، وأمين الريحاني.
في بحوثها قامت بتحليل القضايا الرئيسية في تقدم الأدب، وتقديم الفكر الاجتماعي والفني لتلك الفترة: الدور الاجتماعي للأدب.. قيمته التربوية.. ترابط الأدب مع الحياة.
وقد كان لهذا الكتاب صدىً واسعًا بين العلماء العرب والمستشرقين البارزين في العديد من البلدان، الذين أشادوا بعملها المثمر الممتد لسنوات عديدة.
في المؤتمرالدولي لابن عربي "الشرق والغرب: القيم الروحية المشتركة والروابط العلمية الثقافية"، الذي نظمته الأكاديمية الوطنية للعلوم في أذربيجان وجمعية ابن عربي في جامعة أكسفورد في المملكة المتحدة، وكذلك في المؤتمر الدولي "أدب شعوب الشرق" الذي نظمته الأكاديمية الوطنية للعلوم في أذربيجان، أجمع العلماء البارزون من مختلف البلدان على أن عملها العلمي المتعدد الأوجه ساهم مساهمة قيمة في إثراء الخزينة العالمية للثقافة.
إن إيمانقولييفا ببحوثها العلمية قد أسست اتجاها ومدرسة في الدراسات العربية، وهذه المدرسة في تقدم مستمر حتى الآن، وبحوثها هذه التي أثرت علم الاستشراق.. هي اليوم كلاسيكية هذا العلم في دراسة الأدب العربي.
عائدة إيمانقولييفا معترف بها بحق واحد من أهم الباحثين في الأدب العربي الحديث ليس في أذربيجان فحسب، ولكن في غيرها من البلاد كذلك.
لقد كرست العالمة الاذربيجانية حياتها كلها لدراسة وبحث أدب وثقافة الشرق، ساعية للتعرف على العلاقة الدقيقة بين التشكيلات الفلسفية العميقة للماضي والحداثة.
إن تراثها الفكري الأدبي لا يزال يقوم بدور مهم في التقارب وتعزيز وتطور العلاقات بين أذربيجان والعالم العربي. مما لا شك فيه أن عائدة إيمانقولييفا تمكنت من تحقيق إنجازات كبيرة في مجال العلم وإنها باقية دائمًا في قلب وذاكرة شعبها."

علم وتعليم 2018-10-09 18:24:00