×
A
A
A
خيارات

"الوسيلة نيوز" تنشر مقالا عن مذبحة خوجالي مأساة القرن العشرين

باكو، 26 فبراير (أذرتاج).
نشر موقع "الوسيلة نيوز" على شبكة الانترنت مقالا لسيمور نصيروف. تنشر وكالة اذرتاج نص المقال:
"تمر هذه الأيام الذكري السادسة والعشرون على مأساة مدينة خوجالي الأذربيجانية، حيث قامت قوات الاحتلال الأرميني ليلة 26 فبراير عام 1992 بمحاصرة مدينة خوجالي بدعم من الكتيبة رقم 366 التابعة للتقسيم رقم 23 للجيش الرابع للاتحاد السوفييتي المرابط في مدينة خانكندي، قامت تلك القوات بمذبحة السكان المسالمين في مدينة خوجالي الأذربيجانية بمنطقة قره باغ .
حسب توصيف القانون الدولي، فإن هذه المذبحة التي ارتكبها الأرمن في خوجالي في نهاية القرن العشرين توصف بأنها "إبادة جماعية" باعتبارها إحدى أبشع الجرائم المرتكبة ضد البشرية حتى الآن، ولا تختلف مأساة خوجالي عن المآسي المريعة المرتكبة في العالم التي لن تنساها ذاكرة التاريخ الإنساني.
تشغل مدينة خوجالي موقعاً استراتيجياً فريداً في منطقة قره باغ الجبلية بجمهورية أذربيجان، حيث إن المدينة كانت تمنع الأرمن من تنفيذ مخططاتهم. إذ أن خوجالي التي تقع على بعد 12 كيلو متر شمال شرق مدينة خانكندي، بين الطريقين البريين من أغدام إلى شوشا ومن عسكران الى خانكندي.
كما أن احتضان خوجالي مطاراً جويا وحيدا في قره باغ الجبلية هو الآخر كان يزيد من أهمية المدينة، وكان الهدف الرئيسي للقوات المسلحة الأرمينية هو السيطرة على الطريق البري الواصل بين عسكران وخانكندي عبر خوجالي واحتلال مطار خوجالي .
توجد أسباب عديدة لعداء الأرمن لأذربيجان، والتي كانت من نتائجها هذه المأساة في خوجالي، فإلي جانب الأسباب الاستراتيجية للمدينة والتي سبق الإشارة إليها، هناك أسباب تاريخية أكبر، من بينها أن أذربيجان بسبب مكانتها وموقعها الجغرافي الهام في القوقاز بين أوروبا وآسيا ، وثرواتها الهائلة وخاصة موارد الطاقة من النفط والغاز، كانت دائما محط أطماع الدول الكبرى، وسعت تلك الدول بكل ما تملك للسيطرة علي أذربيجان، سواء بشكل مباشر مثل الامبراطورية الروسية أو الاتحاد السوفيتي، أو بشكل غير مباشر عن طريق وكلاء تلك الدول في المنطقة وفي مقدمتهم أرمينيا.
إلي جانب ثرواتها الضخمة، تمتلك أذربيجان تراثاً علمياً وحضارياً كبيراً، وهذا ما جعلها تتعرض طوال تاريخها لهجمات شرسة، وخاصة من الحكومات السوفيتية المتعاقبة لمحو ذلك التراث الحضاري من ذاكرة الأذربيجانيين، مثلما فعلوا أيضا لمحو ما قام به الأرمن من مجازر وعمليات إبادة ممنهجة، كشفت عنها المقابر الجماعية العديدة التي تم العثور عليها في مناطق مختلفة من أذربيجان .
لقد كانت أذربيجان تشغل مساحة جغرافية أكبر مما هي عليه الآن، ولكن الأعداء عملوا في عام 1918 علي تقسيم تلك الأراضي مرة أخرى وإعطاء جزء منها لأرمينيا التي مازالت تطمع في أراضي أذربيجان، ثم احتلت إقليم قره باغ الجبلية وسبع مناطق أخري، وكانت هذه السياسة الاحتلالية التي ينفذها الأرمن مصحوبة بالمجازر والقتل العام كما كان الحال في جميع العهود. وقد خلف العدوان الحربي الأرميني خلال الفترة ما بين 1988-1993م أكثر من 20 ألف أذربيجاني قتلى وأكثر من 100 ألف منهم جرحى فضلا عن إعاقة أكثر من 50 ألف آخر بخسائر مختلفة الخطورة. وفي الوقت ذاته، قد قام أرمينيا والنظام الانفصالي المقام على الأراضي المحتلة الأذربيجانية بانتهاجهما سياسة الإرهاب الحكومي والإبادة الجماعية علانية بتنفيذ 373 هجوم إرهابي عموما في مختلف مجالات الحياة ومن ضمنها تفجير حافلات المواصلات العامة والقطارات ومترو أنفاق باكو والمراكب النقلية الجوية وعبارات بحرية للركاب والمناطق السكنية والمرافق المدنية والحكومية وغيرها، الأمر الذي أدى إلى مقتل أكثر من 1200 مسالم مدني وإصابة أكثر من 1700 آخر. وذلك لتحقيق أهدافها التوسعية، وسعيا منها لإقامة إمبراطوريتهم المزعومة " أرمينيا الكبرى".
ليست مأساة أذربيجان إلا مثال ونموذج لما يتعرض له المسلمون في مختلف قارات العالم، حيث ازدواجية المعايير التي تنتهجها الدول الكبرى، عندما ينحاز للقوي المعتدية ضد أصحاب الحقوق المشروعة، طالما أنهم مسلمون، وما يحدث في فلسطين وأذربيجان وماينمار إلا أمثلة سيئة لسياسات تلك القوي الدولية .
لقد ساهمت أذربيجان كجزء من العالم الإسلامي بإسهامات كبيرة في الحضارة الإسلامية والإنسانية، ولذلك يعمل الأرمن دائما علي سرقة تلك الاسهامات بنسبتها إليهم، وما صلاح الدين الأيوبي الأذربيجاني إلا مثال علي ذلك، يقول الدكتور على محمد الصلابي في كتابه "نور الدين محمود الزنكي شخصيته وعصره" وعندما دخل صلاح الدين إلي مصر حاربه الأرمن، ولكنه انتصر عليهم ونفاهم إلي صعيد مصر، ورغم ذلك يزعم الأرمن في ويكيبيديا (الموسوعة الحرة) أن صلاح الدين الأيوبي من أرمينيا، فإذا كان كما يدعون فلماذا حاربوه في مصر؟ والغريب أنهم استندوا إلى نفس المصادر التي تؤكد أن صلاح الدين من أذربيجان. يقول ابن خلكان في كتابه "وفيات الأعيان" حيث ذكر أبيه أيوب وجماعة من أولاده وعمه أسد الدين شيركوه أخيه الملك العادل أبي بكر محمد، وجماعة من أولاده وغيرهم من أهل بيته؛ فقد كان صلاح الدين واسطة العقد، وشهرته أكبر من أن تحتاج إلى التنبيه عليه. اتفق أهل التاريخ على أن أباه وأهله من دوين، بضم الدال المهملة وكسر الواو وسكون الياء المثناة من تحتها وبعدها نون، وهي بلدة في آخر عمل أذربيجان من جهة أران وبلاد الكرج، ويقول ابن الأثير في كتابه " الكامل في التاريخ "، وسبب اتصاله " أسد الدين " بنور الدين فإنه كان هو وأخوه نجم الدين أيوب ابن أشاذي من بلدة دوين من أذربيجان .
وما يربط بين العرب عامة ومصر خاصة من جهة وبين أذربيجان من جهة كثير، وفي ذلك يقول ابن الفقيه الهمداني في كتابة " البلدان "، أخبرني واقد، أن العرب لمّا نزلت أذربيجان نزعت إليها عشائرها من المصريّين والشاميّين، ويصف حدود أذربيجان فيقول " وحدّ أذربيجان من حدّ برذعة إلى حدّ زنجان.
وهذا هو الحافظ الكبيرُ أبو طاهرٍ السِّلفي المدفون في الإسكندرية يُثْبت لهم الفضلَ والسبْقَ والمكانةَ السامقةَ فيقولُ:
بلادُ أذرْبِيجَانَ في الشّرقِ عندَنا *** كأندَلُس بالغرب في العلمِ والأدبْ
فما إن تكادُ الدّهرَ تلقَـى مُميَّزاً *** من أهلِيهمَا إلاّ وقدْ جدَّ في الطّلبْ.
شخصيات أذربيجانية لها دور في مصر.
وكثيرة هي الشخصيات العلمية الأذربيجانية التي قامت بأدوار فعالة في أنحاء الوطن العربي المختلفة وبالأخص مصر الكنانة، وكانت لهم خدمات وجهود ومساهمات في شتى مناحي الحياة المتنوعة، فقد كان من هم قضاة وأساتذة ومفتون وعلماء تفرغوا للفتوى وللتدريس، وكانت لهم مكانة سامية عند العرب ومنزلة خاصة في قلوبهم، يُجِلّونهم ويقدّرونهم حقّ قدرِهم ويبالغونَ في إكرامهم وإجلالهم ، وما ذلك إلا لما وجدوه عندهم من ثقة راسخة ومن كفاءات عالية جعلتهم ينصبونهم في المناصب المختلفة في المجتمع .
ومن الشخصيات التي لها اسهاماتها الكبيرة في الحضارة العربية والإسلامية، أفضل الدين محمد بن ناوامار الخونجي، والذي يقولُ عنه ابن أبي أصيبعة " هو أفضل الدين الخونجي الإمام العالم، الصدر الكامل، سيد العلماء والحكماء، أوحد زمانه، وعلامة أوانه، أفضل الدين أبو عبد الله محمد بن ناماوار الخونجي، وتولى القضاء بمصر، وصار قاضيا لقضاة بها وبأعمالها، وكانت وفاته رحمه اللَّه بالقاهرة يوم الأربعاء خامس شهر رمضان سنة 646 هـ ست وأربعين وستمائة.
كذلك، الإمام جمال الدين أبو عمر وعثمان بن عمر المعروف بابن الحاجب الدويني ثم المصري، وهو فقيه كبير برع في فنون شتى واشتهر في الفقه والأصول وعلم العربية كان والده حاجب الأمير عز الدين موسك الصلاحي متوليا لأعمال القوصية.
نظراً لبشاعة مجزرة خوجالي، فقد اعترف العديد من دول العالم بها علي اعتبار أنها إبادة جماعية لشعب اذربيجان في مدينة خوجالي بإقليم " قره باغ "، وكذلك العديد من المنظمات الدولية، وفي مقدمتها منظمة التعاون الإسلامي، والآن وبعد مرور أكثر من ربع قرن علي تلك المذبحة، مازال أهالي الضحايا وجميع شعب أذربيجان وأصحاب الضمائر الحية في مختلف دول العالم ينتظرون العدالة لضحايا تلك المذبحة، حتي يشعر العالم أن العدالة فوق كل اعتبار، وحتي تطمئن شعوب العالم إلي تلك العدالة التي تمثل الحصن لكل البشرية من أي عدوان يهدد أمنهم وسلامتهم."

Xocalı faciəsi 2018-02-26 14:56:00